لاقى موضوع ترتيب الجامعات السورية في الأشهر الأخيرة صدىً واسعاً في الأوساط الشعبية والطّلابية ليتأرجح فهم الحالة بين اعتقاد عام بخروج الجامعات السورية من التّصنيفات العالمية للجامعات مع نفي رسمي وتأكيد على استمرار الاعتراف بالشهادة السورية.
وفي ظل وجود عدّة تصنيفات عالمية للجامعات تصدر عن جهات مختلفة تبقى وجهتا النظر ساريتا المفعول فالجامعات السورية خارجَ كلِّ التصنيفات العالمية المهمّة والتي تعتدُّ بها الأوساط الأكاديمية في حين تحضر في تصنيفات أخرى أقلّ أهمية وموثوقية لجهة معايير التقييم المستخدمة.
تصنيفات بمعايير مختلفة
تُصدر مؤسسات مختلفة تصنيفات بمعايير متعددة ومختلفة للجامعات العالمية. إلا أن التصنيفات الثلاثة التي تنال الاعتراف الأوسع عالمياً في الأوساط الأكاديمية هي تصنيف شانغهاي، وتصنيف التايمز، وتصنيف QS.
مع تزايد ردود الفعل التي أتت بمعظمها شعبوية وغير خبيرة على انخفاض ترتيب الجامعات السوري وفق تصنيف ويبومتركس (الوحيد الذي تظهر فيه) لم تأتِ الاستجابة من المعنيين بالحرفية المطلوبة. عملت وزارة التعليم العالي بمنهجية إسعافيه عبر محاولة تكثيف الحضور الإلكتروني للجامعات السورية.
أدى ذلك إلى رفع ترتيب الجامعات السورية لتعود إلى ما كانت عليه سابقاً في تصنيف ويبومتركس، إذ عادت جامعة دمشق لتتصدر الجامعات الوطنية في المرتبة 3578 عالمياً تليها تشرين في المرتبة 4613 عالمياً. واستقر ترتيب جامعاتنا عند هذه المراتب على مدى نسختين متتاليتين من التصنيف بعد الحلول الإسعافية التي جرى العمل عليها.
على التوازي مع الإجراءات الإسعافية سابقة الذكر أصدرت الوزارة ما أسمته “الخطة الوطنية لتمكين البحث العلمي في الجمهورية العربية السورية”.
وتضمنت الخطة مجموعة من المقترحات لتطوير البحث العلمي كنشر ثقافة البحث العلمي على أن يتم تنفيذها على 4 مراحل متوازية وهي (إعداد قواعد بيانات بحثية جامعية رقمية، تعزيز ثقافة البحث العلمي ونشرها، تعزيز البيئة التمكينية للبحث العلمي، ربط البحث العلمي مع سوق العمل). إلا أن هناك نقاط ضعف عديدة تشوب هذه الاستراتيجية وأهمها عدم ارتباط محتواها بالمشكلة المطلوب حلها وهي تراجع تصنيف الجامعات السورية.
فعلى الرغم من أن دعم البحث العلمي يشكل حجر الأساس لدعم ترتيب الجامعات إلا أن هناك العديد من القضايا الأخرى الإجرائية والتنظيمية التي يجب النظر إليها لتعزيز التصنيف والتي تظهر بوضوح في معايير التصنيف المذكورة أعلاه.
كذلك، لا تحتوي الخطة على أية مؤشرات كمية تسمح بتقدير نسب الإنجاز؛ فالخطة التي تطمح لتطوير البحث العلمي لم تضع أية مؤشرات تتعلق بعدد المنشورات السنوية الخارجية مثلاً أو حتى الداخلية للباحثين أو عدد الاستشهادات المرجعية بها وإنما اتجهت إلى أهداف عامة كنشر ثقافة البحث العلمي والتي تعد مهمة مستمرة زمنياً وتشمل فئات زمنية مختلفة ولا تساهم مباشرة في رفع تصنيف الجامعات.
والنتيجة بالتالي ما نراه اليوم من ركود في تصنيف الجامعات السورية لن تفيد هذه الاستراتيجية في تغييره نظراً لأنها لم تصمّم لذلك، كما أنها لن تفيد في رفع الإنتاج البحثي للجامعات السورية نظراً لافتقارها للأدوات المطلوبة.
إن نشر ثقافة البحث العلمي يكون بدعمه لكي يصبح العمل في وظيفة باحث جذاباً كمهنة ولكي يصبح البحث حاجة للجهات الاقتصادية الوطنية وليس بالترويج له كمنتج أو سلوك.
لمتابعة آخر المستجدات في العاصمة دمشق اضغط هنا
تمتلك العديد من الدول برامج للتميز الأكاديمي الجامعي تقوم على العمل على رفع تصنيف جامعاتها الوطنية عبر تقديم تمويل إضافي لها بشروط خاصة، وتحصل الجامعات على هذا التمويل على أساس تنافسي بعد تقديم خططها لتحسين ترتيبها للجهة المعنية. لابد لهذه الأداة أن تترافق مع عمل تشريعي قانوني على تطوير آليات إدارة الجامعات السورية وعلى أن تكون برامج رفع التصنيف تتوافق مع العمل على تطوير منظومة وطنية متكاملة للابتكار تكون الجامعات أحد مكوناتها الرئيسية وتعمل في فلك أولويات هذه المنظومة.
#احداث_دمشق_لحظة_بلحظة
إرسال تعليق