يتكرر مشهد المواطنين وهم يفترشون المسطحات الخضراء في الساحات الدمشقية وعلى المتحلق الجنوبي مساء كل يوم، رغماً عنهم بسبب إغلاق الحدائق في دمشق إلى اليوم، كإجراء احترازي قام به الفريق الحكومي مع بدء انتشار جائحة كورونا.
وبحسب مشاهدات تلفزيون الخبر فإن الحدائق التي لا تزال مغلقة هي فقط الحدائق المحاطة بأسوار كحديقة التجارة والجاحظ والنيربين وحديقة تشرين المخصصة لإقامة مهرجانات التسوق فقط.
إلا أن الحدائق الأخرى بقيت مفتوحة ولكن بإمكانيات تم وصفها من قبل بعض المواطنين بأنها قليلة، حيث يشتكي المواطنون من الظلام ليلاً الذي يجعلك لا ترى أصابع يدك، نتيجة تخريب أعمدة الإضاءة وعدم إصلاحها بشكل دوري.
أحد مرتادي الحدائق يصف وضعها لتلفزيون الخبر قائلا “الحدائق ليلاً أصبحت أشبه بشوارع شيكاغو التي ما إن تمر بها حتى تشعر وكأنك نُشلت أو تعرّضت لبعض الكلمات النابية من شبّان يقفون في الممرات يشتمون ويسرقون ويتحرّشون”.
مدير الحدائق في محافظة دمشق محمود مرتضى يدافع في تصريحه لتلفزيون الخبر، عن حال الحدائق، مشيراً إلى أن “الوضع اليوم لم يعد كالسابق، إذ تعاني الحدائق من قلة الإمكانيات المادية، وقلة العمال الذين يعملون على إصلاحها وتأهيلها”.
وأضاف: هناك فاقد بعدد العمال يتجاوز 75%، إذ يبلغ عددهم الآن نحو 980 عاملاً فقط، بعد أن كان عددهم 4200 عامل قبل سنوات الأزمة”.
وأشار إلى أنه “على الرغم من تناقص عدد العمال إلا أن المساحات الخضراء لا تزال نفسها، مع ازدياد الكثافة السكانية بسبب الانزياح السكاني من بقية المحافظات إلى محافظة دمشق، ما شكل عبئا إضافيا على مديرية الحدائق”.
وأوضح مرتضى أن “المساحات الخضراء في محافظة دمشق من حدائق مفتوحة ومغلقة ومسطحات خضراء وعقد مرورية، تشكل حوالي 1.85 مليون متر مربع من المساحة الكلية للمحافظة.
وأكّد مدير الحدائق أن إغلاق الحدائق هو رسالة للمجتمع السوري لتحقيق التباعد الاجتماعي، وإجراء التوعية، أكثر من أن تكون إجراء احترازي، بدليل السماح للمواطنين بالتوجه إلى الحدائق غير المسوّرة، والمسطحات الخضراء الموجودة على المتحلق الجنوبي وساحة الميسات ودوار البيطرة والعقد المرورية”.
كاشفاً أنه سيتم افتتاح الحدائق خلال الفترة القادمة، متمنياً من المواطنين امتلاك الوعي للتباعد الاجتماعي.
وأشار مرتضى إلى أنه في الفترة الحالية وبسبب توجّه المواطنون للمسطحات يعاني عمال الحدائق من تنظيف مخلّفات المواطنين الذين يلقون القمامة على المروج والعشب، ما يكبّد العمال عملاً إضافياً، فبدلاً من اهتمامهم بأعمال الصيانة والسقاية والتشجير، يلتفتون إلى أعمال التنظيف.
ولفت مرتضى إلى أن المبادرات الأهلية لترميم الحدائق وتأهيلها لا تزال خجولة، إذ لم تشهد الحدائق الدمشقية سوى مبادرة من غرفة تجارة دمشق لترميم المساحات الخضراء الموجودة في ساحة الميسات من خلال تقديم التصميم والتنفيذ لها”.
مضيفاً: وبهذه الإمكانيات لن تستطيع المؤسسات الحكومية وحدها أن تقوم بهذه الأعمال ولن تستطيع إعطاء الصورة الحقيقية التي يجب تقديمها للمواطن.
وفي سياق متصل أكد مدير الحدائق أن بعض المواطنين كباراً وصغاراً يقومون بتخريب المقاعد وألعاب الأطفال، دون أن يتم مشاهدتهم من قبل عمال الحدائق”.
وتابع “لذا لم يتم تنظيم ضبط او تغريم أياً منهم، علاوة عن وجود نقص كبير في حرّاس الحدائق، الذين قد يقومون بالسيطرة على الوضع، مضيفاً: ولمعالجة ذلك تم رفع كتاب إلى محافظ دمشق الذي قام بدوره بمخاطبة رئاسة مجلس الوزراء لإجراء مسابقة لترميم النقص في العدد.
وأردف: لدينا تجربة قمنا من خلالها بتركيب مرجوحة في إحدى الحدائق لذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه لم يمضِ 24 ساعة إلا وتم تخريبها.
وفي سياق متصل أكد مرتضى وجود حدائق مثيرة للشبهات بسبب بعض التصرفات الطائشة، مشيراً إلى وجود بعض المحاولات من قبل مديرية الحدائق لمنعها، إلا أن هذه الأمور تعد ثقافة تربوية يجب تقديمها ابتداء من الأسرة والمدارس.
وفي مفارقة غريبة نجد أن وباء فيروس كورونا بخسب القرارات الحكومية قد ينتشر في الحدائق التي لا يزال قرار الإغلاق سارياً عليها، ولكن لا ينتشر بالملاعب التي تعمر بالمباريات بين الفرق السورية مع وجود بطاقات ومشجعين يملؤون المدرجات”.
ربما حقاً هذا الفيروس لا يحب متابعة المباريات الرياضية ولكنه يحب “الزحلقة” على ألعاب الأطفال!
جلّنار العلي- تلفزيون الخبر – دمشق
إرسال تعليق